امضيت أمسية رمضانية مع نخبة من أبناء وطني، وقد خيّم اليأس عليهم من أن تنصلح حال البلد، وطرحوا عليّ سؤالاً واحداً: هل أنت متفائل؟ فوعدتهم بجوابي غداً، وقد تسارعت إلى ذهني أفكار عديدة، ولكن غلبني النوم فنمت، وقد حلمت حلماً كان هو جوابي عن سؤالهم.
فقد رأيت حواراً ونقاشاً متوافقاً وغير مسبوق بين السلطة وكل الأطياف السياسية في المجتمع لمصلحة تعيين رئيس للوزراء، شخص لديه رؤية للموضوعات والقضايا التي تشكل برنامج حكومته السياسية وأولياتها، ويتم اختيار أعضاء حكومته على أساس ذلك من وزراء قادرين على إدارة مؤسسة مجلس الوزراء معه، وأن يشكلوا فريقاً يعمل خلال سنة على تحقيق نموذج جديد في إدارة السلطة التنفيذية وتحقيق برنامجها، وقد كلف لأول مرة أحد أبناء الشعب لرئاسة مجلس الوزراء وشكل حكومة وفقاً للبناء الوطني والإصلاح.
وقد بدأت الحكومة الجديدة بظهور متميز لكل وزير يتحدث عن مشاريع الحكومة وتوجهات وزارته، ويعلن أنه لا يقبل أن يتهرب من مسؤولياته، ولن يتخفى خلف قيادات وزارته أو يلقي بالمسؤولية عليهم، وأنه لن تكون هناك قرارات مهمة مثل تعيين وكلاء أو إحالتهم الى التقاعد إلا بشفافية كاملة عبر مؤتمر صحافي تذكر فيه كل الحقائق، كما لن يتم طرح أي مشروعات مهمة للوزارة إلا بالآلية ذاتها، وبدأ كل وزير يلقي ملخصاً لإجراءاته أمام مجلس الأمة حتى يكون البرلمان والشعب على اطمئنان كامل لكل الخطوات.
وقد تبعت ذلك إحالة عدد من المسؤولين الذين فشلوا في إنجاز مشاريع وزاراتهم أو مشاريع حكومية مهمة إلى النيابة بسبب ثبوت تورطهم في ملفات فيها فساد، كما أحيل 15 قيادياً إلى التقاعد لعجزهم وتقصيرهم، وقد أعيد هيكلة الجهاز الإداري وتم توزيع موظفي الحكومة على أساس حاجة العمل وإنتاجيتهم الفعلية، وتم تطبيق سياسات الثواب والعقاب بصورة حازمة اختفت معها ظواهر التغيب عن العمل أو الخروج أثناء الدوام، وأوقف الأخذ بالإجازات الطبية الروتينية وألغيت الإجازة العرضية، وأوقف منح إجازات بقرارات من مجلس الوزراء، وأدخلت ثقافة وظيفية جديدة تكافئ المجتهد وتعاقب المقصر، كما استقال وزيران، معلنين فشلهما في تحقيق برامجهما، تاركين المجال لمن هم أقدر منهما على ذلك. فاستيقظت من نومي، فإذا هي أضغاث أحلام.