هذه رسالة مختصرة إلى علماء اليهود والنصارى «إنّ العالم الإنساني كلمة باتت غير مفهومة عند مَن يُدين بربٍّ غير رب العالمين، وإنّ قيم ومبادئ العدل الدولية أصبحت كيلاً جُزافاً حين انقطعت الأسباب بين الحسنات والسيئات وبين الثواب والعقاب وإن (الإنسانية) الجامعة أصبحت شيئاً لا وجود له قبل أن يوجد (الإنسان المسؤول)».
وإذا أردنا صدقاً أن توجد (الإنسانية الواحدة) ويتساوى فيها الإنسان مع الإنسان في عبودية الإله الواحد الأحد، رب الناس ورب العالمين أجمعين حيث أخبرنا بأفضلهم عنده ليس أقواهم ولا أشدهم قتلاً وفتكاً بالأبرياء، وإنما أفضلهم عند الله أتقاهم، وأقدر الناس على أمانة التقوى أقدرهم على النهوض بتبعية المسؤوليات الإنسانية... وأعرفهم بمواضع المعروف والمنكر والمباح والمكروه.
والإنسان التقي هو الإنسان (الإنسان) وليس الإنسان صاحب الجينات الشقراء فقط وما دونه من الملونين خارج الحسبة الإلهية! فانظروا إلى سياسات الدول الكبرى في دولها وقارنوها في المقابل ماذا فعلت في أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا؟ وماذا تفعل إسرائيل بغزة؟
والإنسان أكرم الخلائق بهذا الاستعداد المتفرد في حمل أمانة التكليف من بين خلائق السماء والأرض سواء كانت له روح أو حتى جماد!
ولكنه ينفرد بين الخلائق بسيئات الأعمال، لأن السيئة والحسنة – على سواء – لا يوصف بها مخلوق غير مسؤول.
وهذا المسؤول يوصف دون غيره من المخلوقات بالكفر والظلم والعدوان والطغيان والفجور، لأنه بمستوى دون غيره من أهل الإيمان والعدل والمروءة.
ومن سوءات المدينة المعاصرة يفهم الكثيرون بأن القوام الحسن هو الصورة الخارجية للجسم فقط، وليس جمال الأخلاق مرتبطاً باعتدال القوام... والعِلم الحديث أثبت التلازم بين اعتدال القامة وجهاز النطق في الرأس وعمود الظهر وسائر البدن، ثم زاد الناس علماً بما يعنيه التقويم الحسن من فضائل العقل والجسد (العقل السليم في الجسم السليم).
والجمع بين النقيضين في الإنسان المتحضر ينصرف إلى الاستعداد الذي جعله أهلاً للترقي إلى أحسن تقويم، وأهلاً للتدهور إلى أسفل سافلين، الأمر الذي يجعل الأرض مُلئت جوراً وظلماً بعد أن كانت عدلاً وسلاماً، وهذه فطرة الإنسان الذي يكون في أحسن تقويم والذي يكون في أسفل سافلين.
ماذا يصنع الماركسيون والإمبرياليون والملحدون لأمم الأرض في هذا العصر؟ هل حققوا الإصلاح المزعوم؟
هل تركوا الأمم تتربى وتتعلم وتستفيد من ثرواتها الطبيعية والبشرية؟!
كلّا لم يفعلوا ذلك ولم يفرقوا بين أمة وأمة، من أجل مصالحهم من قديم الزمان لم يعرف الإنسان سبيلاً للإصلاح غير محاسبة نفسه، فيندم المخطئ على إخفاقه ويجتهد العاجز في استدراك نقصه، والأخلاق كلها تعود على شعور الإنسان بمسؤوليته أو إيمانه بأنه مكلف عن عمله. فأين عملكم اليوم من أجل الإنسانية التي تزعمون؟!
فهل وصلت الرسالة؟