تابعنا على  

الشراكة الخليجية ـ الأميركية!

السبت 25 أكتوبر 2014 08:32:35 مساءً

 

 

مرت العلاقات الاستراتيجية الخليجية الأميركية خلال العام الماضي بمطبات ومواجهات خرجت للعلن، وبشكل غير مسبوق، وخاصة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، تمثلت في افتراق مواقف وخلافات بشأن قضايا إقليمية أبرزها موقف الإدارة الأميركية المتردد وعدم أخذها بوجهة نظر وتحذيرات الحلفاء الخليجيين، وخاصة حول الحاجة إلى التدخل لوضع حد لتجاوزات ومجازر نظام الأسد في سوريا.

 

 

 

 وقبل ذلك الانسحاب المبكر من العراق دون ترك قوات لضبط الأمن وهو ما تُلام عليه إدارة أوباما حتى من النواب وأعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الأميركيين. ثم أتت الضربة الكبيرة باكتشاف التقارب والغزل الأميركي- الإيراني في جنيف سراً، ولاحقاً علناً، حول برنامج طهران النووي، منذ مارس 2013 حتى قبل أن يُنتخب الرئيس الإيراني حسن روحاني، ما عمق الشرخ وزاد من حجم عدم الثقة بين الطرفين الخليجي والأميركي، حيث ترسخت قناعة منذ مجيء إدارة أوباما، والانسحاب من العراق، بأن الولايات المتحدة قد خفضت من أهمية واستراتيجية منطقة الخليج العربي بعد زيادة إنتاجها النفطي من الغاز الصخري، وقرب تحولها إلى أكبر دولة منتجة للنفط في العالم.

 

 

 

وبعد عقد من الحروب والخسائر البشرية والمالية، أو كما يسمى في الولايات المتحدة «عقد نزيف الدم والمال»، تبدي أميركا مللاً من التدخلات الخارجية، ما عزز الشعور بالانكماش والتراجع خاصة بسبب الأزمة المالية العالمية، والانشغال بالمشاكل والأولويات الداخلية من قضايا الدخل والضرائب والرعاية الصحية والهجرة وحتى مرض «إيبولا» اليوم، ليتقدم كل هذا على ما عداه من أولويات وهموم.

 

 

وبالتالي بعد الانسحاب الأميركي من العراق، وزيادة إنتاج أميركا من النفط والغاز، والانكفاء عن المنطقة، ربما تم تخفيض سقف النظر إلى الأهمية الاستراتيجية لدول الخليج. وكذلك شكّل الفشل في عملية السلام، في الصراع العربي الإسرائيلي وفق حل الدولتين، انتكاسة أخرى وفشلاً أميركياً، زاد هو أيضاً من شعور حلفاء واشنطن بعجزها وانصرافها عن قضايا المنطقة.

 

 

وتفاقم الشعور بالهجران لدى دول مجلس التعاون من حليفهم الرئيسي الأميركي، حيث سبق أن وعد أكثر من مسؤول أميركي بالتزام واشنطن التزاماً راسخاً كالصخر بأمن دول الخليج، وإفادتها من المظلة الأمنية الأميركية.. ولكن أقوال مسؤولي أميركا لا تتطابق مع مواقفها وتصرفاتها، ولذلك خرج الخلاف للعلن.

 

 

ولطمأنة الحلفاء القلقين قام كبار المسؤولين الأميركيين بزيارات مهمة تُوجت بزيارة الرئيس أوباما للسعودية ولقائه مع الملك عبدالله بن عبدالعزيز في مارس 2014، إضافة إلى زيارات عديدة أخرى لوزيري الخارجية جون كيري ووزير الدفاع تشاك هاغل للسعودية ولدول خليجية لطمأنة الشركاء وتأكيد متانة العلاقة بين الطرفين.

 

 

 

والحال أن تردد الإدارة الأميركية في الرد على تجاوز نظام الأسد لخطوط أوباما الحمراء مثّل نموذجاً على عدم الحسم وخاصة بعد استخدام ذلك النظام للسلاح الكيماوي ضد شعبه في غوطتي دمشق في أغسطس 2013، وقد كان التراجع عن توجيه ضربات عسكرية ضد قوات الأسد لإضعافه ورفض انتخابات الرئاسة الصورية، والحزم في التعامل معه كما يحدث اليوم ضد «داعش»، كل هذا ربما ساهم في رفع منسوب التطرف، وفاقم من قدرات التنظيمات الإرهابية كتنظيم «داعش» الذي يحتل ثلث مساحة العراق وسوريا.

 

 

 

 وزاد أيضاً وعمّق من الخلافات والصدع والصراع السني- الشيعي، وسمح لإيران باستخدام تلك الورقة في الحرب الباردة التي تشنها في المنطقة، ما يضع طهران وحلفاءها في مواجهة مباشرة مع حلفاء الولايات المتحدة الخليجيين، الذين يخوضون حرباً باردة أشبه برقعة الشطرنج، تمثل بعض تجلياتها في تمدد النفوذ الإيراني عن طريق الحوثيين باحتلال صنعاء، وتفاخر مسؤولين ونواب وقادة عسكريين ورجال دين هناك بسقوط رابع عاصمة عربية في مجال نفوذ طهران لتنضم صنعاء بذلك إلى بغداد ودمشق وبيروت.

 

 

ويُضاف للخلاف الأميركي- الخليجي أيضاً موقف إدارة أوباما الذي كان متسماً بالتراخي والصمت تجاه سياسة حكومة المالكي الطائفية، وإقصائه وحربه المعلنة ضد المكون السني في العراق، ما سكب المزيد من زيت التطرف على الوضع المحتقن أصلاً ليفجر صراعاً طائفياً مذهبياً بين السنة والشيعة امتد من سوريا إلى العراق إلى باقي المنطقة.

 

 

وهذه الأجواء المثقلة بالاحتقان المذهبي غذّت عنف التنظيمات السنية والشيعية المتطرفة، وأحيت الصراع القديم، ووفرت البيئة والمناخ المواتي لينمو ويتمدد التطرف المذهبي. وهذا ما حصل في سوريا أولاً، ولاحقاً في العراق، إلى أن وصلنا إلى هذا الوضع المأزوم الراهن، وبالتالي دشن أوباما الفصل الثاني من حرب واشنطن على الإرهاب بعد مرور 13 عاماً على انطلاق الحرب التي بدأها بوش الابن إثر اعتداءات 11 سبتمبر 2001.

 

وقد شكّل تفاقم خطر الجماعات والتنظيمات المتطرفة نتيجة حتمية للأخطاء الاستراتيجية التي ارتكبتها واشنطن، والتي تضطرها الآن للعودة مُرغمة إلى المنطقة. وتمثل مشاركة دول الخليج بشكل فعال ورئيسي ضمن تحالف الراغبين في المجهود العسكري وعمليات القصف الجوي والإسناد والتموين والتمويل، واستخدام القواعد العسكرية، تحولاً استراتيجياً في العلاقة بين الطرفين، وخاصة أن هناك اليوم تفكيراً بإنشاء قيادة عسكرية للعمليات ضد «داعش» في المنطقة، وأيضاً لكون المقاتلات الخليجية هي الوحيدة التي تشارك في عمليات القصف الجوي في سوريا، وكل ذلك يجعل الحلفاء الخليجيين (السنة) هم الأكثر موثوقية من بين حلفاء الولايات المتحدة في حملتها ضد إرهاب «داعش».

 

 

 

ولكن ما يؤخذ على استراتيجية واشنطن تجاه التنظيم، هو تناقضاتها، والتباين مع حلفائها حول النهج والأولويات والأسلوب، وحول الهدف النهائي من الحملة العسكرية. ويطرح شركاء واشنطن أسئلة مهمة من قبيل: لماذا لا يتم استهداف وإضعاف نظام الأسد، وضربه، وجره ضعيفاً إلى مفاوضات بمرجعية جنيف1؟ ولماذا لا توجد آلية واضحة للعمل على تسوية سياسية تقصي الأسد من الحكم؟ وإلى متى مراعاة مطالب إيران وعدم استهداف المنظمات الشيعية المتطرفة من حلفاء الأسد؟!

 

 

 

وفي المجمل يشكل تغير طبيعة العلاقات الاستراتيجية وتوسعها وتعمقها بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون في مواجهة «داعش»، تطوراً ملفتاً ببروز شريك خليجي يمكن الاعتماد عليه لتوفير الدعم والإسناد والمشاركة الفعالة في القصف الجوي. ما يُساهم في أمن واستقرار المنطقة، ويُخرج العلاقة الثنائية بين دول مجلس التعاون والحليف الأميركي من طبيعيتها كتوفير مظلة حماية مقابل صفقات عسكرية وتجارية وأولوية للشركات والمؤسسات الأميركية في التعاملات إلى مساهمة فعالة من دول الخليج في حماية أمن المنطقة من العراق وسوريا وحتى مصر وليبيا في شمال أفريقيا

 

 

حيث شاركت دول خليجية في التدخل الدولي ضد نظام القذافي في عام 2011. وهذا التحول يرتقي بديناميكية وطبيعة العلاقات الاستراتيجية بين واشنطن ودول الخليج إلى مستوى الشراكة. وبذلك أصبح لواشنطن شركاء استراتيجيون خليجيون يمكن التعويل عليهم للعب دور أمني إقليمي مؤثر، وبالتالي لم يعد حلفاء أميركا التقليديون كتركيا وإسرائيل وحتى إيران، بصفتهم دولاً إقليمية قوية، وخاصة إيران التي تسوق عادة نفسها كدولة مركزية قوية وتقدم نفسها كرأس حربة، مع حلفائها في بيروت والنظامين السوري والعراقي، بصفتهم الطرف الأقدر على مواجهة «داعش».

 

وهذا التحول الاستراتيجي في علاقة دول الخليج وأميركا مهم ويؤسس لشراكة استراتيجية طال انتظارها وبمعادلة ربحية ـ ربحية، ويجب البناء عليها وتطويرها لتحقيق مصلحة دائمة، وليست فقط موسمية، لكلا الطرفين!

  • فيديوهات
هذه أجوبه ما يدور في ذهنك عن لقاح كورونا ؟
سوق الفرضه قديما
سوق الفرضه قديما
ابراج الكويت اثناء البناء
عربات المياة يدفعها المهارى عام 1957
احدى بوابات سور الكويت
  • استطلاع رأى

هل تتوقع حل مجلس الأمة ؟

  نعم


  لا


  • معجبى الفيس بوك
  • معجبى تويتر