يحق لكل كويتي أن يفخر بالإجراءات السريعة والرائعة التي اتخذتها الحكومة الكويتية، وفي مقدمتها وزارة الصحة، لمواجهة أزمة فيروس كورونا، وقد تمثلت تلك الإجراءات بقرارات سريعة وفعالة أُغلقت بموجبها حركة الطيران، وكذلك المؤسسات الحكومية والخاصة، بما في ذلك المؤسسات التعليمية والتربوية، وهي كانت سباقة في هذه الإجراءات على الكثير من الدول الكبرى في العالم.
بل إن الإجراءات الاحترازية الأخرى والمتعلقة بسكان الكويت، من حيث إغلاق أماكن الجمهرة العامة مثل المطاعم والمقاهي والمجمعات وغيرها، بالإضافة إلى تطمين الناس بشأن تقديم الرعاية الصحية من جهة وتوفير كل المستلزمات التموينية والحياتية من جهة أخرى، إنما تؤكد فعالية الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في هذه المرحلة الحساسة، ويحق لنا أن نستشعر في سرعة التحرك الحكومي وإجراءاته، العودة إلى حقبة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، والتي كان فيها الأداء الحكومي متميزاً، وهو ما أدى إلى تحقيق قفزات تنموية ومدنية كبيرة في الكويت، وهو ما يجعلنا نتمنى أن يكون هذا هو نهج الحكومة في القادم من الأيام، في كل النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والتعليمية وغيرها، وأن تعود الكويت كما كانت دائماً وأبداً لؤلؤة الخليج، وهذا يتطلب جدّية من الحكومة في ممارسة سلطاتها ودورها من ناحية
وفي مواجهة الفساد الذي انتشر في البلد بصورة مرعبة بالسنوات الأخيرة من ناحية أخرى، حتى نعود بالكويت إلى ما كانت عليه.
ولعلّ من أهم ما أفرزته الأزمة الحالية هو استشعار ضرورة وجود بدائل سريعة وفعالة في مثل هذه الأزمات، وخصوصاً حينما تكون هناك حاجة ملحّة لتعطيل الدوائر الحكومية والمؤسسات التعليمية، ولعلّ أبرزها في هذه المرحلة هو التعليم الإلكتروني (التعليم عن بُعد)، إذ إن هذا النوع من التعليم يكفل استمرار العملية التعليمية دون توقف، مع الحفاظ على جودته من جهة، كما أنه يحقق الأمن والسلامة للطلاب والمدرسين والكادر الإداري للمؤسسات التعليمية من جهة أخرى، إذ إن كلاً منهم يقوم بأداء ما هو مطلوب منه، ولكن عن بعد
ولا يعتبر هذا النموذج من التعليم بدعاً من الأمر، بل هو المسار الذي تتبناه اليوم في القرن الواحد والعشرين معظم المؤسسات التعليمية في العالم، سواء على مستوى التعليم العام أو على مستوى التعليم العالي. وعليه، فقد آن الأوان أن يتم التحول إلى هذا البديل العملي والناجح، حينما تكون هناك دواعٍ له، خصوصاً أن المنظومة القانونية تستوعبه وتتجاوب معه، بل لابد أن يدخل هذا التحول في التعليم عن بعد في المسار الطبيعي رديفاً للتعليم المباشر، حتى تكون الاستعدادات دائماً على مستوى متقدم.
والشيء بالشيء يُذكر، فقد اتجه العالم منذ القرن الحالي إلى ما يُسمّى العمل من المنزل، وهو ما يمكن أن يؤدي بموجبه 60 في المئة من موظفي الدولة أعمالهم من منازلهم، وخصوصاً تلك الأعمال ذات الطبيعة المكتبية، ويكون قياس التزام الموظف بأداء المطلوب منه بإنجازات محددة يجب أن ينهيها في كل يوم
وبذلك يكون موفّياً بواجباته الوظيفية. ولعلّ مؤسسات التوظيف والرقابة عليها في الكويت اليوم أمام تحدٍّ حقيقي في أن تتكيّف مع هذا النموذج من العمل، لمواجهة أي ظروف طارئة قد تتطلب تعطيل العمل جزئياً أو كلياً.
وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يلطف بالكويت وأهلها وسكانها، وأن يرفع عنها هذا البلاء والوباء